خالد بدير : للأخلاق أهمية كبرى في بناء الأمم والحضارات
قال الدكتور خالد بدير : إن للأخلاق أهمية كبرى في بناء الأمم والحضارات؛ ولهذا حصر النبي – صلى الله عليه وسلم – بعثته في مكارم الأخلاق فقال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ الأخلاقِ” [أحمد والبيهقي والحاكم وصححه]. قال المناوي: “أي أُرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة.” وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين: لماذا حصر النبي بعثته في مكارم الأخلاق مع أنه بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟!!
والجواب: أن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس؛ كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها .
ولأهمية الأخلاق أصبحت شعاراً للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب .
قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.
لذلك يجب على مجموع الأمة التحلي بمكارم الأخلاق مثل الصدق والأمانة والصبر والإخلاص والتقوى وغيرها من الصفات الحميدة التي تدل على سلوك المجتمع المسلم الصحيح القويم؛ فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها، يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت …………فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال: وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم………. فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا
وقال: صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ…………… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ
لذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن حسن الخلق طريق إلى الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ].
وقد وقفت كثيراً عند هذا الحديث متسائلاً: لماذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على هذين الأمرين ؟!
قال العلماء في ذلك : لأن تقوى الله تصلح ما بينك وبين الله ؛ فتمتثل الأوامر وتنتهي عن المحرمات !!